التوحيد موضوع عظيم هو أساس الملة وأساس جميع ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام من أولهم إلى آخرهم.
ولا ريب أن هذا المقام جدير بالعناية، وإنما ضل من ضل وهلك من هلك
بسبب إعراضه عن هذا الأصل وجهله به وعمله بخلافه، وكان المشركون قد جهلوا
هذا الأمر من توحيد العبادة الذي هو الأساس الذي بعثت به الرسل وأنزلت به
الكتب وخلق من أجله الثقلان ( الجن، والإنس ) وظنوا أن ما هم عليه من
الشرك دين صالح وقربة يتقربون بها إلى الله مع أنه أعظم الجرائم وأكبر
الذنوب، وظنوا بجهلهم وإعراضهم وتقليدهم لآبائهم ومن قبلهم من الضالين أنه
دين وقربة وحق، وأنكروا على الرسل وقاتلوهم على هذا الأساس الباطل كما قال
سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ [الأعراف:30]، وقال جل وعلا:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ [يونس:18]، وقال سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا
لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ
فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ
كَاذِبٌ كَفَّارٌ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][الزمر:3]، وأول من وقع في هذا البلاء واعتقد هذا الشرك قوم نوح عليه
الصلاة والسلام فإنهم أول الأمم الواقعة في الشرك، وقلدهم من بعدهم، وكان
سبب ذلك الغلو في الصالحين وأنهم غلوا في ود وساع ويفوث ويعوق ونسر، وكان
هؤلاء رجالاً صالحين فيهم، فماتوا في زمن متقارب؛ فأسفوا عليهم أسفاً
عظيماً، وحزنوا عليهم حزناً شديداً، فزيّن لهم الشيطان الغلو فيهم
وتصويرهم ونصب صورهم في مجالسهم، وقال لعلكم بهذا تسيرون على طريقتهم، وفي
ذلك هلاكهم وهلاك من بعدهم، فلما طال عليهم الأمر عبدوهم. وقال جماعة من
السلف: فلما هلك أولئك وجاء من بعدهم عبدت هذه الأصنام وأنزل الله فيهم جل
وعلا قوله سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا
سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (23) وَقَدْ أَضَلُّوا
كَثِيراً وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالاً (24) مِمَّا
خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم
مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَاراً [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [نوح:23-25].
فالغلو في الصالحين من البشر وفي الملائكة والأنبياء والجن
والأصنام هو أصل هذا البلاء، والله بيّن على أيدي الرسل أن الواجب عبادته
وحده سبحانه وأنه الإله الحق وأنه لا يجوز اتخاذ الوسائط بينه وبين عباده،
بل ويجب أن يعبد وحده مباشرة من دون واسطة، وأرسل الرسل وأنزل الكتب بذلك،
وخلق الثقلين لذلك، قال تعالى:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، وقال سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ [البقرة:21]، وقال عز وجل:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23]، وقال سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، وقال عز وجل:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل:36].
وهذا المقام ـ أعني مقام التوحيد ـ دائماً وأبداً يحتاج إلى مزيد
من العناية بتوجيه الناس إلى دين الله وتوحيده، وإخلاص العبادة له؛ لأن
الشرك هو أعظم الذنوب وقد وقع فيه أكثر الناس قديماً وحديثاً، فالواجب
بيانه للناس والتحذير منه في كل وقت وذلك بالدعوة إلى توحيد الله سبحانه
والنهي عن الشرك وبيان أنواعه للناس حتى يحذروه، وقد قام خاتم الأنبياء
والمرسلين محمد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]بذلك أكمل قيام في مكة والمدينة ومع هذا فقد ملئت الدنيا من هذا الشرك
بسبب علماء السوء ودعاة الضلالة وإعراض الأكثر عن دين الله وعدم تفقههم في
الدين وعدم إقبالهم على الحق وحسن وظنهم بدعاة الباطل ودعاة الشرك إلا من
رحم الله، كما قال سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]، وقال تعالى:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ [سبأ:20]، وقال عز وجل:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ
إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][الأنعام:116]، فلهذا انتشر الشرك في الأمم بعد نوح في عاد وثمود وقوم
إبراهيم وقوم شعيب وقوم لوط ومن بعدهم من سائر الأمم وصاروا يقلد بعضهم
بعضاً يقولون:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ [الزخرف:22].
وإذا كان هذا البلاء قد عمّ وطمّ ولم يسلم منه إلا القليل، فالواجب
على أهل العلم أن يقدموه على غيره ـ أعني بيان التوحيد وضده ـ وأن تكون
عنايتهم به أكثر من كل أنواع العلم؛ لأنه الأساس فإذا فسد هذا الأساس وخرب
بالشرك بطل غيره من الأعمال، كما قال سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، وقال سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ
أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ
(65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [الزمر:66،65] والصوم والحج وغير ذلك من العبادات لا تنفع.
وأقسام التوحيد ثلاث، بالاستقراء، والنظر والتأمل في الآيات
والأحاديث وما كان عليه أهل الشرك اتضح أنها ثلاثة أقسام؛ اثنان أقرّ بهما
المشركون، والثالث جحده المشركون وقام النزاع بينهم وبين الرسل في ذلك،
والقتال والولاء والبراء منهم والعداوة والبغضاء.
ومن تأمل القرآن الكريم والسيرة النبوية وأحوال الرسل عليهم
الصلاة والسلام وأحوال الأمم عرف ذلك، وقد زاد بعضهم قسماً رابعاً سماه (
توحيد المتابعة ) يعني وجوب اتباع الرسل والتمسك بالشريعة، فليس هناك
متّبع آخر غير الرسول فهو الإمام الأعظم وهو المتّبع، فلا يجوز الخروج عن
شريعته، بل يجب على جميع الثقلين الجن والإنس أن يخضعوا لشريعته، وأن
يسيروا على منهاجه في التوحيد، وفي جميع الأوامر والناوهي، وهذا القسم
الرابع معلوم، وهو داخل في قسم توحيد العبادة، لأن الرب سبحانه أمر عباده
باتباع الكتاب والسنة، وهذا هو توحيد المتابعة، وقد أجمع العلماء على وجوب
اتباع الرسول والسير على منهاجه، وأنه لا يسع أحد الخروج عن شريعة موسى؛
فإن الخضر نبي مستقل على الصحيح ليس تابعاً لموسى، وقد كان الأنبياء
والرسل قبل محمد كثيرين كل له شريعة كما قال الله سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً [المائدة:48].
أما هذه الأمة فليس لها إلا نبي واحد وهو محمد عليه الصلاة
والسلام، فالواجب على هذه الأمة من حين بعث الله نبيها محمداً وإلى يومنا
هذا إلى يوم القيامة اتباع هذا النبي وحده والسير على شريعته المعلومة من
كتاب الله وسنة رسوله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]، وليس لأحد الخروج عن ذلك، ليس لأحد أن يقول أنا أتبع التوراة أو الإنجيل، وفلاناً أو فلاناً. بل يجب على الجميع اتباع شريعة محمد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]، ومن زعم أنه يجوز لأحد الخروج عنها فهو كافر ضال بإجماع المسلمين.
وقد علمنا مما سبق أن أقسام التوحيد ثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
فتوحيد الربوبية وهو الإيمان بأفعال الرب سبحانه وانه فعال
لما يريد، وأنه الخلاق والرزاق، وهذا القسم ما أنكره المشركون بل أقروا
به، وهو يستلزم توحيد العبادة ويلزمهم بذلك، فمن كان بهذه الصفة من كونه
هو الخلاق، الرزاق، المحيي، المميت ومدبر الأمور، ومصرف الأشياء وجب أن
يُعبد وأن يُخضع له فإنه يقول سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ
السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ
وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ
فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][يونس:31]، والمعنى ما دمتم تعلمون أن هذا الله أفلا تتقون الله في توحيده
والإخلاص له، وترك الإشراك به، وهم مقرون بهذا أنه ربهم وخالقهم ورازقهم،
ولكنهم اعتقدوا أن تقربهم إليه بعبادة الأوثان والأصنام أنه شيء يرضيه،
كما قال الله سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِند الله [يونس:18]، هذا اعتقادهم الباطل
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ
اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ
أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][الأعراف:30]، الشياطين زينت لهم السوء وزينت عبادة الأصنام، والملائكة
والأنبياء، والأشجار والأحجار وغير ذلك، فاحتج الله عليهم بما أقروا به من
توحيد الربوبية، والأسماء والصفات على ما أنكروه من توحيد العبادة؛ لأن
الذي يخلق ويرزق ويدبر الأمر ويحيي ويميت هو المستحق لأن يعبد ويطاع
سبحانه وتعالى وهكذا أسماؤه كلها دليل ظاهر على أنه هو المستحق للعبادة،
فهو الرحمن الرحيم، الرزاق العليم المدبر للأمور، مالك الملك، العلم بكل
شيء، والقادر على كل شيء، وهو الفعال لما يريد فمن كان بهذه المثابة وجب
أن يعبد وحده دون ما سواه، وهذه الأسماء كلها دالةعلى معان عظيمة: الرحمن
يدل على الرحمة، العزيز يدل على العزة، الرؤوف يدل على الرأفة، السميع يدل
على أنه يسمع دعوات عباده وكلامهم، والبصير الذي يراهم ويشاهد أحوالهم،
إلى غير ذلك، فهي أسماء عظيمة حسنى دالة على معان عظيمة كلها حق، وكلها
ثابتة لله سبحانه على وجه يليق به سبحانه، لا شبيه له فيها ولا نظير، كما
قال تعالى:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، وقال سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:4].
والصحابة رضوان الله عليهم وأتباع الرسول عليه الصلاة والسلام كلهم
مجمعون على إثبات الأسماء والصفات، وأنها حق ثابتة الله تعالى على وجه
يليق به، بلا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وأن الاستواء، والنزول
والسمع والبصر والكلام وسائر الصفات كلها حق، وهكذا سائر الأسماء حق،
ولهذا قال تعالى:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180] أي إسألوه بها فهو يُدعى ويسأل بأسمائه: يا رحمن يا رحيم،
يا عزيز يا غفور، اغفر لي، ارحمني، فرج كربتي، إلى غير ذلك. كما أنه يدعى
أيضاً بتوحيده والإيمان به، كما قال تعالى:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا [آل عمران:193].
وكما جاء في الحديث:
{ اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت؛ الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد }[رواه الترمذي] فهو يسأل بتوحيده والإيمان به. واعتراف العبد بأنه ربه
وإلهه ومعبوده الحق. وهكذا يسأل بالأعمال الصالحات، ويتوسل إليه بها فهذا
كله من أسباب الإجابة كما سأله أصحاب الغار بأعمالهم الصالحة وهم قوم
دخلوا غاراً للمبيت فيه والاتقاء من المطر، فأنزل الله عليهم صخرة سدت
الغار عليهم، فلم يستطيعوا رفعها، فقالوا فيما بينهم: إنه لن يخلصكم من
هذه الصخرة إلا الله بسؤالكم الله بأعمالكم الصالحة، فتوسل أحدهم ببره
لوالديه، والآخر بعفته من الزنا، والثالث بأدائه الأمانة، ففرج الله عنهم
الصخرة فخرجوا، كما صح بذلك الحديث عن النبي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]،
وهذا من آياته العظيمة، فهو يحب من عباده من يتوسل إليه بأسمائه وصفاته
وأعمالهم الطيبة، أما التوسل بجاه فلان، أو بحق فلان، أو بذات فلان، فهذا
بدعة.
ولهذا لما توفي النبي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وكانوا يتوسلون بدعائه في حياته، فيقولون يا رسول الله ادع لنا، ويدعو لهم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]كما وقع في أيام الجدب وكان على المبنر، فطلبوا أن يدعو الله لهم، فدعا
الله لهم واستجاب الله له، وفي بعض الأحيان كان يخرج إلى الصحراء فيصلي
ركعتين ثم يخطب ويدعو. فلما توفي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]عدل عمر إلى عمه العباس، فقال: ( اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك
بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعمّ نبينا فاسقنا )، فقام العباس ودعا
فأمّنوا على دعائه فسقاهم الله. ولو كان التوسل بالذات أو الجاه مشروعاً
لما عدل عمر والصحابة رضي الله عنهم إلى العباس، ولتوسل الصحابة بذاته،
لأن ذاته عظيمة عليه الصلاة والسلام حياً وميتاً.
والمقصود من هذا أن الرسول
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]صان هذا التوحيد وحماه، وبيّن أن الواجب على الأمة إخلاص العبادة لله
وحده، وأن يتوجهوا إليه جل وعلا بقلوبهم وأعمالهم في عبادتهم، وألا يعبدوا
معه سواه لا نبياً ولا ملكاً ولا جنياً ولا شمساً ولا قمراً ولا غير ذلك.
والله سبحانه أوجب على عباده ذلك في كتابه الكريم، وعلّم الأمة ذلك أن يعبدوه وحده، ويتوجهوا إليه وحده، والرسول
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أكمل ذلك وبلّغ البلاغ المبين، وحمى حمى التوحيد، وحذّر من وسائل الشرك،
فوجب على الأمة أن تخلص لله العبادة، فالعبادة حق لله وليس لأحد فيها
نصيب، كما قال الله سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ
الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا
نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ
يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا
يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [الزمر:3،2]، وقال سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر:14]، وقال تعالى:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، وقال سبحانه:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء [البينة:5] والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وقال النبي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]:
{ حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً }[رواه البخاري] متفق على صحته. وهذا أمر معلوم بالنصوص من الكتاب والسنة
وبالضرورة، ولهذا يجب على علماء الحق أن يبذلوا وسعهم في تبيان هذا الحق
بالكتب والرسائل ووسائل الإعلام، والخطب والمواعظ، وبسائر الوسائل
الممكنة؛ لأنه أعظم حق وأعظم واجب؛ ولأنه أصل الدين وأساسه كما تقدم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.