صفات
اهل الجنة والنار في الدنيا
(16) باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل
النار 63 - (2865) (حدثنى) أبو غسان المسمعى ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار بن عثمان
(واللفظ لابي غسان وابن المثنى) قالا حدثنا معاذ بن هشام حدثنى ابى عن قتادة عن مطرف
بن عبد الله بن الشخير عن عياض بن حمار المجاشعى ان رسول الله عليه وسلم قال ذات يوم
في خطبته الا إنّ ربّى أمرني ان أًعلّمَكم ما جَهلتُم مما علمني يومى هذا كل مالٍ نَحلْتُهُ
عبداً حلال وإنّى خلَقْتٌ عبادي حُنفاءَ كلهم وانهم اتتهم الشياطين فاجْتَالتْهُم عن
دينهم وحَرّمَتْ عليهم ما اَحللْتُ لهمْ وأمَرَتْهُمْ ان يشركوا بى ما لم أُنَزّلْ
به سُلطاناً وأنَّ الله نَظَرَ إلى أهْلِ الأرضِ فَمَقتَهُم عَرَبَهُم وَعَجَمَهُم
إلا بقايا من أهلِ الكتاب وقال إنّما بَعثتُكَ لأبتَليَكَ وأبتليَ بك وأنْزلْتُ عليك
كتاباً لا يغْسلَهُ الماء تقرؤه نائما ويقظان وان الله أمرني أن احرّق قريشا فقلت رب
إذا يَثْلغوا رأسي فيدعوه خبزةً قال استخرجهم كما استخرجوك واغزُهم نغزك وانفق فسننفق
عليك وابعث جيشا نبعث خمسة مثله وقاتل بمن أطاعك من عصاك قال وأهل الجنة ثلاثة ذو سلطان
مقسط متصدق موفق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذى قربى ومسلم وعفيف متعفف ذو عيال قال وأهل
النار خمسة الضعيف الذى لا زَبْرَ له الذين هم فيكم تبعا لا يبتغون أهلا ولا مالا والخائن
الذي لا يخفى له طمع وان دق إلا خانه ورجل لا يصبح ولا يمسى إلا وهو يخادعك عن اهلك
ومالك وذكر البخل أوالكذب
والشِنظِير الفحّاش ولم يذكر أبو غسان
في حديثه وانفق فسننفق عليك (...) (وحدثناه) محمد بن المثنى العنزي حدثنا محمد بن ابى
عدى عن سعيد عن قتادة بهذا الاسناد ولم يذكر في حديثه كل مال نحلته عبدا حلال
(...) (حدثنى) عبد الرحمن بن بشر العبدى حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام صاحب الدستوائى
حدثنا قتادة عن مطرف عن عياض بن حمار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب ذات يوم
وساق الحديث وقال في آخره قال يحيى قال شعبة عن قتادة قال سمعت مطرفا في هذا الحديث
كل مال نحلته قبله قال الله مقدرا.
حنفاء أي مسلمين.
فاجتالتهم بالجيم وروي بالخاء المعجمة أي أزالتهم هذا وأذهبتهم.
لأبتليك أي بتبليغ الرسالة.
وأبتلي بك أي من أرسلك إليهم.
كتابا لا يغسله الماء أي محفوظا في الصدور لا يتطرق إليه الذهاب بل يبقى على
ممر الزمان.
تقرؤه نائما ويقظان أي يكون محفوظا لك في حالتي النوم واليقظة.
وقيل تقرؤه في يسر وسهولة.
يثلغوا بمثلثة وغين معجمة أي يشدخوا ويشجوا ثم كما يشدخ الخبز : أي يكسر.
واغزهم نغزك أي نعنك.
ومسلم بالجر عطفا على ذي قربى).
لازَبْرَ له لا عقْلَ له يَزْبُرَه
ويمنعه مما لا ينبغي له لا يخفى له طمع أي لا يظهر.
والشنظير بكسر الشين والظاء المعجمتين وسكون النون الفحاش أي السئ الخلق.
الديباج على مسلم ج9/ص 199[ 2865 ]
قوله صلى الله عليه و سلم ( ان ربى
أمرنى أن أعلمكم ما جهلتم مما علمنى يومى هذا كل مال نحلته عبدا حلال ) معنى نحلته
أعطيته وفى الكلام حذف أى قال الله تعالى كل مال أعطيته عبدا من عبادى فهو له حلال
والمراد انكار ما حرموا على أنفسهم من السائبة والوصيلة والبحيرة والحامى وغير ذلك
وأنها لم تصرحوا حراما بتحريمهم وكل مال ملكه العبد فهو له حلال حتى يتعلق به حق قوله
تعالى ( وانى خلقت عبادى حنفاء كلهم ) أى مسلمين وقيل طاهرين من المعاصى وقيل مستقيمين
منيبين لقبول الهداية وقيل المراد حين أخذ عليهم العهد فى الذر وقال ألست بربكم قالوا
بلى قوله تعالى ( وانهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ) هكذا هو فى نسخ بلادنا
فاجتالتهم بالجيم وكذا نقله القاضي عن رواية الاكثرين وعن رواية الحافظ أبى على الغسانى
فاجتالتهم بالخاء المعجمة قال والأول أصح وأوضح أى استخفوهم فذهبوا بهم وأزالوهم عما
كانوا عليه وجالوا معهم فى الباطل كذا فسره الهروى وآخرون وقال شمر اجتال الرجل الشيء
ذهب به واجتال أموالهم ساقها وذهب بها قال القاضي ومعنى فاختالوهم بالخاء على رواية
من رواه أى يحبسونهم عن دينهم ويصدونهم عنه قوله صلى الله عليه و سلم ( وان الله تعالى
نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم الابقايا من أهل الكتاب ) المقت أشد البغض والمراد
بهذا المقت والنظر ما قبل بعثة رسول الله صلى الله
( الضعيف الذى لازبر له الذين هم فيكم تبعا لايبتغون أهلا ولا مالا ) فقوله
زبر بفتح الزاى واسكان الموحدة أي لا عقل له يزبره ويمنعه مما لاينبغى وقيل هو الذى
لامال له وقيل الذى ليس عنده ما يعتمده وقوله لايتبعون بالعين المهملة مخفف ومشدد من
الاتباع وفى بعض النسخ يبتغون بالموحدة والغين المعجمة أى لايطلبون قوله صلى الله عليه
و سلم ( والخائن الذى لايخفى له طمع وإن دق الاخانة ) معنى لا يخفى لايظهر قال أهل
اللغة يقال خفيت الشيء اذا أظهرته وأخفيته اذا سترته وكتمته هذا هو المشهور وقيل هما
لغتان فيهما جميعا قوله ( وذكر البخل والكذب ) هي فى أكثر النسخ أو الكذب بأو وفى بعضها
والكذب بالواو والأول هو المشهور فى نسخ بلادنا وقال القاضي روايتنا عن جميع شيوخنا
بالواو والا بن أبى جعفر عن الطبرى فبأو وقال بعض الشيوخ ولعله الصواب وبه تكون المذكورات
خمسة وأما الشنظير فبكسر الشين والظاء المعجمتين
واسكان النون بينهما وفسره فى الحديث بأنه الفحاش وهو السىء الخلق قوله ( فيكون
ذلك ياأبا عبد الله قال نعم والله لقد أدركتهم فى الجاهلية إلى آخره ) أبو عبد الله
هو مطرف بن عبد الله والقائل له قتادة وقوله لقد أدركتهم فى الجاهلية لعله يريد أواخر
أمرهم وآثار الجاهلية والافمطرف صغير عن ادراك زمن الجاهلية حقيقة وهو يعقل شرح
النووي ج17ص197